قتل، تدمير منازل، قصف عشوائي، انعدام أساسيات الحياة، انقطاع الكهرباء، نفاد المشتقات النفطية، نفاد مخزون الأدوية، نقاط تفتيش في شوارع المدينة، طرقات مقطوعة، عدم وصول المعونات الإنسانية، موجات نزوح جماعي. بهذه العناوين العريضة المزدحمة بالمآسي، التي تحاصر حياتهم اليومية، يعيش مواطنو محافظة تعز، جنوب اليمن..

 تكمن الكارثة في صلب قضية النازحين الذين يعيشون الخوف، والجوع، والحصار، والتشريد، وهم عاجزون عن الخروج من ثقل الوقائع المأساوية، التي باتت النتيجة الوحيدة لهذه الحرب الدائرة بين قوات الجيش المتمردين على الحكومة اليمنية، وبين المقاومة الشعبية.

خلف مشاهد الحرب، صورة منسية لملامح حياة أخرى، ومأساة إنسانية فعلية يرزح النازحون تحت ظلها، دون أن يلتفت لهم العالم”، وهم بالآلاف، لم تنقل وسائل الإعلام للعالم حالة خوفهم من الجوع المفرط التي يعيشونها”..

وإذا كان أبناء محافظة تعز، سواء المنتفضون والمناوئون للانقلاب، الذين ما زالوا في منازلهم رغم القصف العشوائي المستمر من قبل قوات المخلوع، علي عبدالله صالح، ومليشيات الحوثي، أو المدنيين النازحين بسبب الحرب، فهم في كلتا الحالتين يعيشون خائفين، ومنعزلين ومحصنين إما في معاقلهم الجبلية بدون سلاح، أو نازحين إلى الأرياف وضواحي المدينة، دون طعام أو دواء. لكن الميزة التي يتمتع بها هؤلاء، هي أنهم ناجون من حرب الإبادة الجماعية التي تقوم بها مليشيات وقوات المخلوع صالح..

يحدث ذلك في الوقت الذي يتحدث فيه العالم عن تقاطر المساعدات الإنسانية إلى اليمن، فضلاً عن تصريح المتحدث الرسمي للأمين العام للأمم المتحدة بوقتٍ سابق عن وصول المساعدات الاغاثية الإنسانية، بإشراف أممي عبر برنامج الغذاء العالمي، مشيراً إلى استفادة نصف المحتاجين في اليمن، خلال فترة الهدنة الإنسانية التي انتهت في 17مايو/أيار المنصرم.

 لكن واقع النازحين والمحتاجين لا يطابق التصريحات الرسمية المختلفة، إذ حذّر نشطاء ميدانيون، يعملون في مجال إيواء النازحين، من تفاقم الوضع الإنساني في المحافظة، مؤكدين أن الأوضاع في تعز، اقتربت من الكارثة، إذ إنّ الحرب الدائرة بين قوّات من الجيش المتمرد، المدعوم بمليشيات الحوثيين، وبين المقاومة الشعبية المدعومة من الحكومة اليمنية، والتي تساندها غارات طيران التحالف العربي، زادت من حدّة الأزمة الإنسانية في المحافظة.

منذ اندلاع المواجهات المسلحة، والمدينة تشهد موجة نزوح من الصراعات الدائرة في المدينة وضواحيها، إذ نزح أكثر من 470 ألف مواطن بحسب الإحصائيات الأولية ، بالإضافة إلى نحو 35 ألف نازح إضافي معظمهم من محافظات عدن وصنعاء، يتواجدون في أرياف وضواحي تعز أيضاً .

في ذات السياق، تحدثت تقارير المنظمات الإنسانية في تعز عن أن مخزونات الطعام نفدت، ولم يتبق شيء فعلياً، وأن حوالى 19 مليون مواطن من بين 26 مليوناً هم إجمالي عدد السكان يحتاجون الآن إلى غذاء، وهذا الرقم آخذ في الزيادة..

في المقابل، تسبّب المتمردون بعدم وصول الإغاثة إلى مستحقيها، كما تعمدوا تعطيل خطوط الإغاثة لإثارة الرأي العام ضد الحكومة اليمنية، على حساب الشعب اليمني الذي أصبح رهينة لديهم.

إنَّ حجم الاحتياجات الإنسانية كبير جداً؛ والأولويات الرئيسية هي علاج وإجلاء الجرحى وتقديم المساعدات الطبية والغذائية والمياه والنظافة والصرف الصحي والصحة والمأوى . فيما تواصل أسعار السلع الأساسية ارتفاعها في حين ان المخزون الغذائي في المحافظة أصبح في خطر. خاصة مع نزوح ما يزيد عن 470 الف فرد من منازلهم، و الارتفاع الجنوني لتكلفة الانتقال للأسر النازحة و احتياجات المأوى والاستقرار في مناطق النزوح  و ارتفاع أسعار الوقود الى أكثر من عشرة اضعاف سعره الرسمي ، وظهرت المخاطر الصحية. وفئات الأطفال وكبار السن هي الأكثر عرضة لتلك المخاطر. ومما يثير القلق البالغ هو ادعاءات خطيرة جداً عن الانتهاكات المبلغ عنها من قبل المدنيين إضافة إلى تقارير مستمرة عن القتل العشوائي والاعتقالات خارج إطار القانون.

ولا تزال المخاوف بشأن أمن وسلامة العاملين في المجال الإنساني كبيرة أكثر من أي وقت مضى في جميع أنحاء اليمن، وذلك لتعرض سيارات الإسعاف لهجمات إضافة إلى خطف العاملين في المجال الإنساني وقتلهم. كما أن عدد اللاجئين في محافظة تعز يزداد، وقد أعلنت اللجنة العليا للإغاثة والإيواء في اليمن محافظة تعز محافظة منكوبة. والمديريات المحيطة بمركز المحافظة اقتربت من مرحلة التشبع.

Write a comment:

*

Your email address will not be published.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Follow us: